الأربعاء، 4 يناير 2012

الناسخ والمنسوخ

عزيزي المسلم، هل لديك فكرة عن الناسخ والمنسوخ في القرآن؟ أعلم أنك مررت عليه مرور الكرام أيام الدراسة كما أعلم أيضا أن أكثر من 80% من المسلمين اليوم لا يعرفون خطورته، لذا كتبت في الموضوع لندرسه سويا، وهو من أحد الأسباب التي فتحت أعيني وجعلتني أتعمق في دراسة الإسلام. دعنا نبدأ خطوة خطوة...

المقصود بالناسخ والمنسوخ

كلمة نسخ بالمعنى البسيط تعني نقل. ولكن لها في اللغة معان كثيرة وبالتحديد في القرآن.
- فالمعنى اللغوي هو الإزالة أو الإبطال أو التبديل.
- والمعنى الاصطلاحي وهو المعنى الذي تبحّر فيه العلماء المسلمين ومعناه إزالة آية أو تغيير آية أو تبديل حكم آية بحكم آية آخر.
- وكما قال ابن كثير في تفسيره جزء 1 ص 134 نقلاً عن ابن جرير قال أن النسخ تحويل الحلال حراماً والحرام حلالا وتحويل المباح محظوراً والمحظور مباحاًً.
- والإمام النسفي في الجزء الأول من تفسيره صفحة 116 يقول النسخ هو التبديل وانتهاء الحكم الشرعي.

أهمية الناسخ والمنسوخ بالنسبة للقرآن ؟

- هذا موضوع خطير.. وبما أنني قرأت كتبا كثيرة للناسخ والمنسوخ في القرآن ومنها الناسخ والمنسوخ لهبة الله ابن نصر ابن على البغدادي المتوفى سنة 410 هجرية، ومنها الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم أيضاً لأبو جعفر النحاسي، وكتب كثيرة جداً بخلاف المواقع الكثيرة على الانترنت.. وهذه الكتب توضح أهمية الناسخ والمنسوخ.

1) يقولون أيضاً أنه لا يمكن فهم القرآن إلا بعد فهم قضية الناسخ والمنسوخ ومثال ذلك نفترض أن هناك حكم في القرآن على شيء ما ولكن هذا الحكم نسخ بعد ذلك. فإذن سيفسر الحكم الأول وهو جاهل للحكم الجديد.

2) وهناك قضية حدثت مع علي بن أبى طالب، حكي عنه أنه دخل مسجد في الكوفة فوجد هناك رجلاً حوله لفيف من الرجال في المسجد على هيئة حلقات واسمه عبد الرحمن ابن دأب وكان صديقاً لموسى الأشعري ووجده يفتي في المسجد وعندما سمعه لم يعجبه كلامه فقال له أتفهم الناسخ والمنسوخ؟ فقال له لا . فرد عليه علي بن أبي طالب قائلاَ: هلكت وأهلكت، وقرص أحد أذنيه وأخرجه خارج المسجد محذراً إياه أن لا يراه ثانية في المسجد.
(كتاب هبة الله البغدادي صفحة 12) ويمكن للقارئ أن يتحرى عنها.

~ إذاً لابد وأن يكون الإنسان ملمّا بالناسخ والمنسوخ لكي يعرف أحكام القرآن.

عدد المنسوخ في القرآن

أبو جعفر النحاس وغيره من الذين كتبوا في الناسخ والمنسوخ، حددوا بأن هناك 71 سورة من القرآن من مجموع عدد سوره 114 سورة بها ناسخ ومنسوخ، أي بمعدل 62.28 % آيات منسوخة وهذا الكلام هو من أهل العلم في الإسلام.

أنواع الناسخ والمنسوخ

يقسم علماء الناسخ والمنسوخ الآيات المنسوخة إلى ثلاثة أنواع:

- ما نسخ حرفه وبقي حكمه.
- وما نسخ حكمه وبقي حرفه.
- وما نسخ حرفه ونسخ حكمه.

أولاً: ما نسخ حرفه وبقى حكمه:

والحرف هنا بمعنى الكتابة، أي أن الآية غير موجودة ولكن حكمها موجود رغم عدم وجودها، والدليل:

1) آية الرجم للزاني والزانية، وكانت الآية موجودة في القرآن أيام محمد وهي غير موجودة في مصحف عثمان، ولكن حتى اليوم رجم الزاني والزانية موجود في السعودية، وعندما تسأل عن النص، يكون الرد بأنها غير موجودة! وهنا الحرف غير موجود ولكن الحكم موجود.

_ يقول ابن الجوزي في كتابه نواسخ القرآن ص 35 : قال عمر ابن الخطاب بعث الله محمد وأنزل عليه الكتاب فكان فيما أنزل عليه آية الرجم: "الشيخ والشيخة إذا زنيا فأرجمهما البتة". فقال عمر: قرأناها ووعيناها وعقلناها ورجم رسول الله ورجمنا بعده وأكد عمر كلامه قائلاً ولولا أن يقول قائل قد زاد عمر في كتاب الله لكتبتها أنا بيدي.

_ وفي كتاب جلال الدين السيوطي الإتقان في علوم القرآن صفحة 26 ج2 : عن أمامة ابن سهل أن خالته قالت: لقد أقرأنا رسول الله آية الرجم "الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما بما قضيا من اللذة"

~ وهي غير موجودة بالقرآن. إذاً لازال رجم الزاني والزانية ولكن أين النص القرآني؟ لا يوجد!

2) والآية الثانية الغير موجودة في القرآن وحكمها ساري: آية رضاعة الكبير وهي معروفة بشهادة علماء الإسلام.

ـ قالت عائشة أن هذه الآية معناها كالآتي: لما كانت عائشة تحب أن تقابل أحد من الرجال، ولا يصح أن تقابل شخصا غريب وهى محجبة، فكانت تطلب من ابنة أختها أن ترضع الرجل الذي تريده عائشة للمقابلة برغم أنه رجل كبير، ليكون محرما، وكأنه ابن بنت أختها وعائشة تصير جدته.

ـ في صحيح مسلم حديث رقم 3670 في باب الرضاعة: قالت السيدة عائشة كان فيما أنزل عشر رضعات معلومات فنُسِخْن بخمس معلومات وتوفى رسول الله وهى مما يقرأ في القرآن.

~ وأين هي الآن ؟ لا توجد في القرآن !!

 ـ ويؤكد أبو جعفر النحاس في كتابه الناسخ والمنسوخ ص 125 إن السيدة عائشة ظلت بموقفها تقوم برضاعة الكبير

ـ ويحكى ابن الجوزي قصة رضاعة الكبير فى كتاب نواسخ القرآن ص 37 عن السيدة عائشة أنها قالت آية رضعات الكبير كانت فى ورقة تحت سرير بيتي فلما أشتكى رسول الله أي مرض تشاغلنا بأمره، فأكلتها شاة لنا، فتوفى رسول الله وهى مما يقرأ فى القرآن

وما هي قصة رضاعة الكبير هذه؟؟
ـ يحكي أبو جعفر النحاس فى كتابة صفحة 124 قالت السيدة عائشة انه جاءت سهلة ابنة سهيل إلى رسول الله فقالت إني أجد زوجي أبو حذيفة يستاء إذا دخل عليّ سالم (وسالم هذا مولى عندهم في منزلة التبني) فلما نزلت الآية الخاصة بإلغاء التبني (بسبب قصة زيد بن حارثة) فابتدأ أبو حذيفة يغار على امرأته من سالم فأمرها ألا يدخل عندها مرة أخرى، فذهبت للرسول فحكت له القصة وكيف أن زوجها مستاء من ابنهم بالتبني فقال لها أرضعيه (أي رضعي سالم) وبذلك يكون مثل أبنك وبالتالي زوجك لا يغير منه. فقالت وكيف أرضعه وهو رجل كبير ؟ فقال النبي ألست أعلم أنه رجل كبير!؟ وتقول القصة إن سهيلة رجعت للرسول بعد ذلك وقالت له والله يا رسول الله ما عدت أرى في وجه أبو حذيفة شيئاً أكرهه.
وبناء على ذلك قال عروة إن عائشة كانت تأمر أختها أم كلثوم وبنات أخيها أن يرضعن الرجال الذين تحب أن يدخلوا عليها وهذا الكلام موجود في صفحة 124 أيضا.

~ هذه أشياء ذكرها ليس مشرف أبداً، ورضاعة الكبير هذه مشكلة !!! والحقيقة أن الفرد منا عندما يتصورها ويفكر فيها، يجدها مشكلة. هل تقبل أن أمك أو أختك تقوم بإرضاع شخص كبير؟ بسبب ذلك لا يقدرون أن يتكلموا في الناسخ والمنسوخ.

ثانياً: ما نسخ حكمه وبقى حرفه:

أي أن الآيات موجودة ولكن ألغي الحكم بها وتطبيقها. ويوجد في القرآن 550 آية بهذا الشكل ولكنها غير سارية المفعول، مثل آيات السلم: 124 آية سلم في القرآن لازالت موجودة في القرآن ومكتوبة ولا يعمل بها، ومثال ذلك: "ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن وقولوا إلهنا وإلهكم واحد" و " وإن جنحوا للسلم فأجنح لهم" و "إن تولوا فإنما عليك البلاغ"

ـ وكل آيات السلم الـ 124 نسخت بآية تسمى آية السيف في التوبة 5 وفي التوبة 29: الآية الأولى في التوبة 5 تقول: "أقتلوهم حيثما ثقفتموهم (أي وجدتموهم)" والآية الثانية في التوبة 29: "قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا اليوم الأخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية وهم صاغرون (أي وهم أذلاء)"

ـ قال ابن العربي: كل ما جاء في القرآن من آيات الصفح عن الكفار والتوالي والإعراض والكف عنهم قد نسخ بآية السيف وهي: "إذا أنسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين"

ـ في كتاب الإتقان فى علوم القرآن للسيوطي ص 24  فهذه الآية كما يقول نسخت 124 آية وهذا الكلام موجود وهذا مثال واحد فقط

~ وسؤالنا الآن أين ذهبت "لكم دينكم ولى ديني؟" وأين "لا تجادلهم إلا بالتي هي أحسن؟" أليس هذا ما نسمعه في الراديو والتلفاز؟!

* يوجد احتمال أن تقول بأن آيات السلام هي السارية وآية السيف هي التي نسخت
ولكني أقول لك أن هناك قاعدة في القرآن تقول أن الآيات التي تأتي متأخرة تنسخ الآيات التي قبلها. ولمعلوماتك يقول محمد أن آخر سورة نزلت عليه هي سورة التوبة التي لا يوجد في أولها بسم الله الرحمن الرحيم. وهذا بشهادة العلماء

ثالثاً: ما نسخ حرفه ونسخ حكمه:

أي أن الآية غير موجودة وحكمها غير موجود أيضا، مثال:

1) في كتاب جمال الدين الجوزي كتاب نواسخ القرآن صفحة 33 يقول الزهري: أخبرني أبو إمامة أن رهطاً (جماعة) من أصحاب النبي قد أخبروه أن رجلاً منهم قام في جوف الليل يريد أن يفتتح سورة كان قد وعاها (أي أفتكرها) فقام ليلاً لكي يرتلها فلم يقدر على شيء منها إلا بسم الله الرحمن الرحيم ففوجئ أنه نساها، وفي الصباح الباكر أتى إلى النبي وقد جاء آخرون لنفس الغرض وهؤلاء أيضاً قد سمعوا الصورة وعندما حاولوا أن يرددوها مرة أخرئ لم يستطيعوا فأتوا جميعاً لنفس السبب ثم أذنوا النبي وسألوه عن هذه السورة، فسكت النبي ساعة لا يرجع إليهم في شيئاً ثم قال .. نُسِخَت البارحة ! نُسِخَت البارحة !

~ إذن الآية غير موجودة وحكمها غير موجود لأنها نسخت وهم نسوها وأصبحت في خبر كان. ومن هنا نلاحظ أن الآية التي قالها الرسول من قبل قد ألغيت من الكتاب والأحكام أيضاً

2) في كتاب التهذيب جزء 10 صفحة 42 إلى 44 وفى كتاب جمال الدين الجوزي في نواسخ القرآن ص 33 مثل آخر لسورة الأحزاب أي السورة رقم 33 في المصحف العثماني، نقل شريف ابن عاصم عن زرد قوله: قال لي أُبى ابن أبى كعب كيف تقرأ سورة الأحزاب قلت 73 آية قال: والذي أحلف به لقد نزلت على محمد وأنها تعادل سورة البقرة أو تزيد عليها

~ وسورة البقرة 286 آية، أي سورة الأحزاب كانت 286 سورة وأكثر والآيات غير موجود منها إلا 73. فأين ذهب هذا الكم الكبير من الآيات؟ لقد نسخ حكماً ونسخ حرفاً !!!

لماذا كان الله قد أعطى هذه الآيات أصلا؟ هذه كلها علامات استفهام!  فلو أن هناك احترام للعقل لكان هناك إجابات لهذه الأسئلة

3) في كتاب الإتقان في علوم القرآن لجلال الدين السيوطي ص 26 جزء 2 عن عائشة قالت: كانت سورة الأحزاب حتى زمان النبي تقرأ حتى مائتي وعندما كتب عثمان المصاحف لم نحصل إلا ما عليه الآن وهو 73 آية

4) وفي نفس المرجع السابق ونفس الصفحة، عن عمر ابن الخطاب فقال لا يقولن أحدكم قد أخذت القرآن كله وما أدراك ما كله لقد ذهب منه قرآن كثير.

~ يقول ذهب منه قرآن كثير وهى شهادة خليفة من خلفاء المسلمين !! إذن هناك جزء كبير من القرآن مفقود! أين هو ؟!

5) ويورد السيوطي عن عبد ابن عبدي قال عمر لعبد الرحمن ابن عوف ألم تجد فيما أنزل علينا "أن جاهدوا كما جاهدتم أول مرة" فإننا لا نجدها. قال أسقطت فيما أسقط من القرآن

~ أين العقول التي تفهم؟ أليس دينك تقدمه كاملا ومقنعا للعقل؟؟ وأنت يا أخي المسلم تفتخر أن الدين الإسلامي دين العقل أليس كذلك ؟ فهل لك أن تكلمني بالعقل والمنطق؟ هل كنت تعرف هذا الكلام من قبل أو قرأته؟!

6) في كتاب الإتقان في علوم القرآن للسيوطي جزء 2 ص 26 حدثنا حجاج ابن جُريح أخبرني أبى حميدة عن حميدة بنت يونس قالت قرأ عليّ أبي منذ ثمانين سنة في مصحف عائشة أن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا على النبي وسلموا تسليماً وعلى الذين يصلون في الصفوف الأولى، وذلك قبل أن يغير عثمان المصحف

~ يغير عثمان المصحف!! وكلام معترف به في المراجع الإسلامية !!
أتعرف يا عزيزي مصحف عثمان بن عفان ؟ أتعرف التغييرات التي تمت فيه ؟؟ أشك في ذلك!

7) وإليك مثال آخر لما نسخ حكمه وحرفه وهى شهادة  مسلمة ابن مخلد:
ذكر جلال الدين السيوطي في ذات الجزء وذات الصفحة عن أبي سفيان القلاعي أن مسلمه قال له ذات يوم أخبروني بآيتين من القرآن لم تكتبا في المصحف فلم يخبروه وعندهم أبو الخليل سعد ابن مالك. فقال ابن مسلمه "إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم آلا أبشروا أنتم المفلحون والذين آووه ونصروه وجادلوا عنه القوم الذي غضب عليهم وأولئك لا تعلم نفس ما أُخفى لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعلمون"

~ وهذه الآية غير موجودة بالقرآن الحالي، أليس هذا غريب ؟!!

خطورة الناسخ والمنسوخ

من الممكن أن يقول قائل: وما المهم في آية نسخت أم لا، موجودة أم غير موجودة، وما بالنا بهذا الكلام؟ الله يريد هذا! خصوصا أنه في مشوار بحثي كنت أتكلم مع أحباء كثيرين من المسلمين وأسألهم حول هذا الموضوع وكانوا يقولون أن هذا الموضوع تافه وليس له قيمة لا في القرآن ولا في الإسلام. لكن بعد انتهائي من البحث وجدت أن الموضوع خطير للغاية وأنهم ليسوا بدارسين لدينهم. فهناك على الأقل خمسة خطورات لموضوع الناسخ والمنسوخ في القرآن، هي:

* الخطورة الأولى: تعارض فكرة النسخ والتبديل مع علم الله السابق: فالله عنده علم عن الأمور قبل حدوثها وهنا لما نجد أن الله يغير كلامه كل لحظة.. ألم يكن يعرف إلى أين تسير الأمور في المستقبل ويعطي الآيات؟ فكون أن الله يغير كلامه وسينسخ ما مضى وسيأتي بجديد فهذا طعن في صفة من صفات الله العظمى وهو أنه مطلق المعرفة .. فتسمعهم يقولون أنه ينزل بالتدرج لتدرج فكر الناس فكيف يكون ذلك ؟ والله يعطي الكمال والإنسان يصل إلى هذا الكمال خطوة بخطوة والله يعطي قاعدة الكمال أي يعطى شريعة الكمال والإنسان يصل إلى هذا الكمال بالتدريج ولكن حاشا لله أن يغير كلامه ويقول لا هذا نسخناه البارحة !! ؟ لا لا سنعطي أحسن منها ؟! والكلام نفسه يوجد به خطورة كبيرة !

* الخطورة الثانية: تتعارض موضوع الناسخ والمنسوخ مع آية مهمة جداً في القرآن في سورة الحجر رقم 9 التي تقول : " إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون "
~ والسؤال هنا: لما كان حافظا للذكر، كيف أن محمد ينسى منه أشياء؟ ليس فقط تنسى فقط بل يُنسيها.. وسؤال آخر: هل الله يحفظها أم يُنسيها كما يقول "وما ننسخ من آية أو ننسها"؟ فأين الحفظ ؟ فالموضوع ليس هو بالبساطة التي يتخيلها الإنسان المسلم ليريح ضميره يقول هذا موضوع تافه ولا يؤثر.. كيف لا يؤثر؟ بالطبع يؤثر في عمق الإيمان.. الإيمان بالله والإيمان بصفات الله والإيمان بمعرفة الله والإيمان بقدرة الله الذي يحفظ كلامه ولا يضيع ولا يُنسى.

* الخطورة الثالثة: وفى الحقيقة هذه النقطة أعجبتني جداً جداً من أستاذ دكتور وهو الأستاذ الدكتور عبد الفتاح محمود إدريس وهذا الرجل كتب مقالا عن الناسخ والمنسوخ في موقع الأزهر على الانترنت www.alazhr.com يقول فيه بالنص الواحد: (خطورة أخرى بالغة، إن من أوصاف القرآن آية: كتاب أحكمت آياته. والأحكام عكس النسخ وينفيه. وينافي ما قد يقع في الوهم منافياً لجلال الله من تردد أو ارتياب فيما يحكم به)

* الخطورة الرابعة : وهي اللوح المحفوظ أو كما يسمى أيضا "أم الكتاب" الذي هو من الأزل عند الله، والآية تقول "القرآن كتاب مبين في لوح محفوظ"
ـ وإليك مثال: يقول القرطبي في تفسير سورة الرعد آية 39 "يمحو الله ما يشاء وعنده أم الكتاب" أم الكتاب هو اللوح المحفوظ الذي لا يبدل ولا يغير.
~ إذن أين حدث النسخ فإذا كان يبدل ويغير متى ذلك وأين ولماذا ؟ وهذه علامة استفهام كبيرة جداً؟
ـ ويكمل القرطبي قائلاً: وقد قيل أنه يجري فيه التبديل..
~ وهنا نلاحظ الرأي المضاد!! ومشكلة الكتب الإسلامية أنهم يأتون بالرأي وعكسه وأخيراً ينتهي الكلام باللفظ المعهود: والله أعلم.
ـ والطبري وهو شيخ المفسرين في تفسيره لنفس الآية يقول: الكتاب كتابان كتاب منهما يمحوا الله منه ما يشاء ويثبت والكتاب الثاني هو أم الكتاب.
~ أترى معي التبريرات والأخطاء ؟ أيعقل أن الله عنده نسختين نسخة قديمة ونسخة معدلة؟ هذا الكلام يجعل الناس في ارتياب وفكر غير معقول وهذا موضوع خطير وهل له حل ؟
والسؤال هنا: في هذا اللوح المحفوظ يوجد الناسخ فقط أم المنسوخ فقط؟ أم ناسخ ومنسوخ أيضا؟ً ولا يوجد تعارض وتضارب؟ وهل الله لم يكن يعرف ما سيستجد على مجريات الأمور في القرآن؟ وإذا كان محمد نسي الآية أليست موجودة في اللوح المحفوظ وجبريل قادر أن يذكره بها مرة أخرى ؟

* الخطورة الخامسة : اصطدام الناسخ والمنسوخ مع اضطرارية موجودة في القرآن في سورة النساء 82 تقول في تحدي " لو كان من غير عند الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً "
~ ونحن الآن بشهادة العلماء الخاصين بالناسخ والمنسوخ أن هناك 71 سورة فيها اختلاف وهذه تمثل نسبة 62,28 % من القرآن فيها اختلافات !! أليس هذه اختلافات كبيرة وكثيرة؟ ~ إذاً السؤال الذي يطرح نفسه بشدة على عقل مفكر عندما يفكر في الآية لو كان من غير عند الله، وهذا فعل الشرط عندما يتحقق فماذا يكون جواب الشرط ؟؟ وفعل الشرط هنا بشهادة علماء الناسخ والمنسوخ: نعم هناك اختلافات كثيرة.
إذاً الكتاب هذا من عند الله؟ أنا أتركها لذكاء القارئ حتى لا يقال أنني أطعن في معتقدات الناس ولكن كل ما أريده أن يفكر الإنسان ويدرك إذا كان يضع قدمه على الصخر أم لا

~ والسيد المسيح قال شيئا جميلا جداً وهو الآتي " أشبه الذي يسمع كلامي ويعمل به بإنسان بنى بيته على الصخر، تأتى العواصف والرياح والأمواج وهو ثابت"
والإنسان الذي يبنى بيته على الرمل من أول عاصفة هواء يدمر هذا البيت .

~ وسؤالي لأخي المسلم الذي أحبه كثيرا: أتبني إيمانك على أساس مزعزع أم على صخر متين؟ هذه حياة الإنسان التي هي أثمن شيء في الوجود. والكتاب المقدس يقول "ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وأخيراً خسر نفسه" فالنفس غالية وثمينة. بعد أن يموت الإنسان أين سيذهب؟ لابد أن يعرف. هل سيذهب إلى مكان غير يقيني فقط سمع عنه بدون معرفة الطريق المؤدية إليه؟

من أين جاءت فكرة الناسخ والمنسوخ في القرآن ؟

هذا سؤال خطير ومهم للغاية لأن هناك آيات في القرآن تتكلم صراحة أن هناك نسخ لبعض الآيات وأشهر آية في هذا الخصوص
ـ في سورة البقرة آية 106 "ما ننسخ من آية أو ننسها نأتي بخير منها أو مثلها".
ـ وفي سورة النحل آية 101 "وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل قالوا إنما مفتر بل أكثرهم لا يعلمون".
ـ وفي سورة الرعد 39 "يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب"
ـ وفي سورة الفتح 52 "فينسخ الله ما يلقى الشيطان".

وهذه هي أبرز الآيات الموجودة رغم كثرة الآيات التي توضح أنه يوجد ناسخ ومنسوخ في القرآن .

هل الله يُنسي الإنسان آيات قد أرسلها إليه ؟

 كلمة نُنسِها: بمعنى ينسيها للرسول. يوجد في الأحاديث أن النبي محمد نبي الإسلام كان ينسى آيات قرآنية. وعن صحيح البخاري حديث رقم 5092 نقلاً عن عائشة قالت سمع رسول الله صلعم رجلاً يقرأ القرآن في سورة بالليل فقال: رحمه الله قد اذكرني كذا وكذا آية كنت قد أُنسِيتُها من سورة كذا وكذا.

~ أي الذي يُنْسي الآيات هو الله يقول نُنسها وليس ننساها أي الله أن هو الذي ينسيه وليس ينساها بنفسه. فهل الله يُنسي الإنسان آيات قد أرسلها إليه ؟

ـ في صحيح مسلم وحديث رقم 1874 وعن عائشة قالت كان النبي يستمع قرءاة رجل في المسجد فقال رحمه الله لقد اذكرني آية كنت قد أُنسِتُها.
ـ وهذا أيضاً ذكره ابن كثير في تفسيره الجزء الأول صفحة 104 عن جرير أن النبي قرأ قرآناً ثم أُنسيه (الله ينسيه) !

~ والسؤال المهم: إذا كان الله كان يُنسي النبي، أليس الله أيضاً يُنسي جميع الناس؟
في الحقيقة هذه مشكلة، لأن أحياناً الناس الرواة الذين حفظوا عن محمد أي حفظة القرآن، كانوا قد حفظوا آيات ولكن وجدوا أن هناك آيات أخرى مغايرة لها فتساءلوا ما الصحيح منها هذه أم تلك، فكانت الفكرة التي قيلت في وقتها: الله يغير ويبدل في كلامه !!! عجباً...  وكان هناك نسخ لآيات يتذكرونها، وعندما ذهبوا للنبي ليسألوه قال لهم أنها نسخت البارحة. وأمثلة كثيرة جداً في كل كتب الناسخ والمنسوخ !!
~ والسؤال الخطير هنا ألم يكن من الأفضل أن الله يعطيه هذه الآيات بدلاً من أن ينسيه؟!
~ هذه كلها أسئلة تحتاج إلى إجابات في عقلية الإنسان الذي يحترم عقله. القضية أن الناس أخذوا الموضوعات مسلمات ! قال الله .. وقال الرسول .. أما علماء المسلمين لا يجيبوا على الأسئلة التي تدور في أذهان الناس ؟
~ وما المقصود بكلمة "خير منها" ؟؟ إذا كان هناك آية أحسن من آية، إذاً كلام الله فيه كلام حسن وأحسن، وإذاً كان هناك كلام خير من الآخر فنستطيع أن نقول أنه يوجد كلام لله رديء وحاشا!! وإذا كان هناك كلام أفضل فكان بالأولى ينزله من المرة الأولى!
~ هل وحى الله فيه مفاضلة ؟؟ طبعاً على قول القرآن يوجد مفاضلة في الآيات والمشكلة أيضاً أنه يقول يأتي بخير منها أو مثلها. لماذا لا يُذكر الله النبي بالآية الأولى طالما أن الآية مثلها ؟
~ إذاً ما هو الكلام الموجود في اللوح المحفوظ ؟ هذه قضية كبيرة ومشكلة معقدة ففي اللوح المحفوظ أي من الكلام يوجد ؟ الآيات الأولى أم المنسوخة أم المبدلة أم الأحسن أم مثلها؟؟ كلها تساؤلات لا توجد لها إجابات من شيوخ المسلمين

هل يؤمن المسلمون أن النسخ موجود في القرآن ؟

نتيجة قراءاتي أستطيع أن أنقل لك آراء الفقهاء المسلمين:

ـ في تفسير ابن كثير جزء 1 صفحة 105 يقول: المسلمين كلهم متفقون على جواز النسخ في أحكام الله وكلهم قالوا بوقوعه

ـ والإمام النسفي أيضاً في تفسيره جزء 1 ص 116 يقول: يجوز النسخ في القرآن والسنة متفقاً ومختلفاً مثل الزيادة على النص والإنساء أي أن يذهب بحفظها عن القلوب

_ وفي دائرة المعارف الإسلامية جزء 3 ص 9900 النسخ من الله عمل إرادي محكم مقدر منذ الأزل

ـ وفي موقع الأزهر على الإنترنت وهذا مرجع مهم جداً عن الأستاذ عبد الفتاح محمود إدريس في مقاله عن الناسخ والمنسوخ يقول: أن أكثر أهل الفقه والأصول أجمعوا على جواز النسخ عقلاً ووقوعه شرعاً

ـ وفي كتاب الناسخ والمنسوخ لأبو جعفر النحاس ص 6 يقول: فلنذكر في القرآن الكريم أمر واقع اقتضته ضرورة التشريع فإذن نستطيع أن نقول أن النسخ في القرآن أمر واقع
- وفى ص 7 من نفس الكتاب يقول ينبغي أن ننبه في هذه المقدمة إلى قضية إنكار النسخ في القرآن الكريم وهى قضية قديمة قد أثارها أبو مسلم الأصفهاني.

هل النسخ وقع في الأمر والنهي فقط؟

يقول البعض أن الناسخ والمنسوخ وقع فقط على الأوامر والنواهي أي أفعل ولا تفعل! وأقول، حتى لو افترضنا أنه يخص الأوامر والنواهي! ولنضرب مثلاً في الأمر والنهي: في سورة التوبة آية 5، 29 وهي تحض على القتل وهي معروفة بسورة السيف وهذه الآية في سورة السيف نسخت 124 آية بشهادة جميع الفقهاء الذين تكلموا عن الناسخ والمنسوخ، فمثلاً: في سورة التوبة آية 29 تقول "قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من أهل الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون"
هذا أمر قاتلوا.. وهذا الأمر نسخ 124 آية عن المسالمة منها "ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وانزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد". وأيضاً "لكم دينكم ولى ديني"

~ لاحظ معي أن آية واحدة لغت كل الآيات السابقة، وهنا أهل الكتاب هم اليهود والنصارى وهنا أمر! وهل مستهين بهذا الأمر؟ أليس بسببه توجد حروب وقتل ونزاع بين المسلمين واليهود والنصارى؟
~ أين الإله الذي يعطى الوعود للمسيحيين وبعد ذلك يقول اقتلوهم ؟ !! وكيف أن هناك آيات ترفع المسيحيين إلى أعلى مستوى ومنها "جاعل الذين اتبعوك فوق كل الذين كفروا" أي المشركين إلى يوم القيامة. هل الله يحابي أن الذي يدخل هذا الدين فأنا أرضى عنك وإذا لم تدخل فلتموت ؟

والحقيقة ومن خلال قراءاتي وملاحظاتي حتى لا يفهمني أحد خطأ وأنا حساس جداً في قراءاتي.. القضية هنا أن الإسلام في مكة كان إسلاما مسالما ولكن الإسلام في المدينة فيه هذه الآيات. فلماذا ؟!

هل يوجد نسخ في القرآن بعيدا عن الأوامر والنواهي ؟

بالطبع وهي كثيرة، مثل:

1) حديث الغرانيق في سورة الحج 52 "فينسخ الله ما يلقى الشيطان"
وجميع التفاسير تقول أنه عندما كان الرسول يتلو في سورة النجم الآية التي تقول "أفرأيت اللات والعزة ومنات الثالثة الأخرى" فوضع الشيطان على لسانه فنطق قائلاً : "تلك الغرانيق العُلا إن شفاعتهن لترتجى" فأهل مكة كلهم سجدوا وراءه بعدما سجد هو أيضاً !!!
وقريش في هذا الوقت فرحوا جداً لأن النبي محمد اعترف بآلهتهم وسجدوا كلهم حتى أن الشيخ الذي لا يستطيع السجود لكبر سنه أخذ حفنة تراب ولمسها بجبينه وأرسلوا للناس الذين في الحبشة المهاجرين أن يرجعوا. فقال جبريل لمحمد أن هذا الكلام من الشيطان، فحزن ورجع وقال للناس أن هذا الكلام من الشيطان. وهذا مقصود الآية "فينسخ الله ما يلقى الشيطان"

~ لاحظ معى "غرانيق عُلا وشفاعتها ترتجى" أي أنها عظيمة! ومن هذه؟ إنها اللات والعزة ومنات! التي هي الأصنام !!! كيف تكون لها شفاعة وكرامة ؟

* فإذاً النسخ ليس أوامر ونواهي، بل إن هناك نسخ لما يلقي الشيطان.

2) هناك آيات تخص الكتب السماوية السابقة للقرآن أيضاً، فالسور المكية كانت دائماً تمتدح في الكتب السابقة للإسلام، مثلا:ً
ـ سورة المائدة 43 تقول "كيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله"
ـ والمائدة 47 "وليحكم أهل الإنجيل بما أُنزل الله فيه"
ـ والمائدة 48 "وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه من الكتاب"

وبعد كل هذا الاعتراف بالتوراة والإنجيل والثناء عليهما فتنسخ بعد ذلك:
ـ في سورة النساء 46 "من الذين هادوا يحرفون الكلام عن مواضعه"
ـ وفي سورة البقرة 75 وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه بعد ما عقلوه

~ ورغم أن هذه الآية وضحت أن التحريف في الفهم وليس في الألفاظ إلا أنها نسخت الكتب السابقة وهي ليست أوامر ونواهي وهي مسألة كتب وعقيدة وإيمان.

~ وسؤالي وأنا أتذكر الآية التي تقول "إنا نزلنا الذكر وإنا له لحافظون" هل يعقل أن الله يحفظ كلماته في وقت معين وينسى كلامه الآخر وأقصد الكتب السماوية الأخرى؟ بينما قيل عن الكتاب المقدس بعهديه أنه ذكر أيضاً فهو ذكر وهدى ونوراً فكيف أنه يحفظ القرآن ولا يحفظ التوراة والإنجيل؟!

3) ويوجد أيضا نسخ للأديان وهي نفسها التي كان يحترمها محمد في الأول:

ـ ففي سورة البقرة 62 يقول "إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله اليوم الآخر وعمل صالحاً فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون"
ـ وفى سورة العنكبوت 46 "لا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد"
ـ وفى سور النساء 116 يقول "ن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالاً بعيداً"

وهذه الآيات نسختها آيات أخرى مثل:
ـ في سورة آل عمران 19 "إن الدين عند الله الإسلام"
ـ وفي آل عمران 85 "ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين"

~ لاحظ معي هنا إلغاء أديان وليس أوامر ونواهي!!
~وهنا أتساءل: نحن نريد التعايش في سلم لأن الدنيا الآن لا تتسع لحروب كثيرة ونريد أن نعيش في سلام. فعندما يقرأ رجل الجماعات الإسلامية آية قاتلوا !!! قاتلوا النصارى واليهود وهم كفرة ومشركون وإن الدين عند الله الإسلام ؟؟ تقول: يا أخي يوجد قبل ذلك مسالمة! لم لا نعيش في مسالمة حسب الآيات؟ فيقول: لا هذه الآية نسخت هذه الآية.. ولما يأتي رجل " إرهابي" ويقول الآية الأخيرة نسخت آيات السلم أليس هذا هو سبب الإرهاب ؟

4) الملاحظ أن الإسلام المكي كان يتيح الحرية الدينية للأديان الأخرى والإسلام المدني منع ونسخ لماذا ؟
ـ ففي سورة الكافرين 256 "لا إكراه في الدين"

~ وهذا هو الكلام الذي نسمعه في الإذاعات والجرائد أما في الحياة العملية فمختلف تماماً لأنه نسخ، أي هناك حجة. وإليك آيات النسخ للحرية:

ـ في سورة آل عمران 19 "إن الدين عند الله الإسلام"
_ وآل عمران 85 "ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين"
ـ وفى سورة التوبة 29 : "قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الأخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق [ يقصد الإسلام ] من الذين أوتوا الكتاب"

~ إذاً ألغيت الحرية تماماً، فما رأيك ؟ أليس هذا سبب الحروب؟

5) وهناك آيات كثيرة للمشركين أى الذين غيروا دينهم:
ـ ففى آل عمران آية 20 "وإن تولوا فإنما عليك البلاغ"
ـ وفى سورة الأنفال 61 "وإن جنحوا للسلم فأجنح لها"
ـ وفى سورة المائدة "فأعفوا عنهم وأصفح"

 ~ هنا كله سماح وصفح وكل هذا في مكة، وهذا هو الكلام الذي نسمعه في وسائل الأعلام لكنه غير صحيح والذي لا يعرف الناسخ والمنسوخ لا يفهم أن كل هذا الكلام نسخ:

ـ فى سورة النساء 89 " فإن تولوا فخذوهم وأقتلوهم حيث وجدتموهم "
ـ وفى سورة محمد 35 "فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون"

~ بمعنى أنت أعلى من الناس وإياك أن تدعوا إلا السلم. وهذا هو الخطر! لاحظ يا عزيزي الفرق بين آل عمران 20 والنساء 89 فماذا تريد أكثر من ذلك ؟  كل هذه تساؤلات وليس إفتاء أنا لست على منبر، أنا إنسان قارئ وأدرس الكتب
~ هل الله يريد أن 80% من خليقته أن تقتل؟ فنحن نعلم أن المسلمين يمثلون حوالي 21% من المسكونة كلها وأنا أتساءل أعزائي هل الله يريد أن تنتهي خليقته كلها هذه ؟
~ والسؤال الأخطر من ذلك. كيف أن الله الديان العادل يطلب من البشر أنهم يقتلوا بعضهم بعضاً ؟ أليس من الجائز أنك لو صبرت على الكافر والمشرك أنه بعد وقت معين يؤمن بدينك ؟ فأنت تبشره وتعرفه وليس تقتله، خصوصا أن هناك آية تقول "إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء" ؟ مع العلم أن هذه الآية نسخت أيضاً!

* في الواقع هذه الأمور محزنة جداً لذا دعنا نستمر في موضوعنا.
قد يقول قائل أن الناسخ والمنسوخ يوجد في كل الأديان ولا يخلوا منه دين ولا يوجد في القرآن. وأقول أن هذا السؤال يردد صوت العقل، والعقل حر أن يفكر وحر أن يسأل ومن حقه أيضاً أنه يُجاب وجميل أن نطرح أسئلة ولابد أن نجد الإجابة. وإليك ما توصلت إليه:

ـ قرأت قولا للسيوطي في كتابه الإتقان في علوم القرآن ص 342 وهذا الكلام موجود على الانترنت أيضا في موقع الوراق www.alwaraq.net قال السيوطي وهـو من الأشخاص المعروفين " النسخ هو مما خص الله به هذه الأمة " أي الأمة الإسلامية وقد أجمع المسلمون على جوازه...
أي النسخ خاص بالإسلام والقرآن فقط .

السور التي وقع فيها الناسخ والمنسوخ:

يعتبر موضوع الناسخ والمنسوخ في القرآن غير هين، ومجموعة كبيرة من علماء الإسلام قسموا موضوع الناسخ والمنسوخ إلى أقسام وأعداد. وبداية وجدوا أن السور التي بها ناسخ ومنسوخ عددها 71 سورة وتقسيمها كالآتي:

ـ 6 سور ذكر فيها ناسخ ولم يذكر فيها منسوخ، وهي: الفتح، الحشر، المنافقون، التغابن، الطلاق والأعلى.
ـ 25 سور ذكر فيها ناسخ ومنسوخ، منها: البقرة، آل عمران، المائدة، الأنفال، إبراهيم، الكهف، مريم، الأنبياء، النساء، التوبة... إلى أخره
ـ 40 سور وجد فيها منسوخ وليس فيها ناسخ، منها: الأنعام، يونس، هود، الركد، الحج، الإسراء، الإعراب، النحل... إلخ

~ والسور الباقية الخالية من الناسخ والمنسوخ عددها 43 والقرآن كله عدده 114 سورة إذاً حوالي 71 سورة فيها ناسخ ومنسوخ وهذا عدد كبير جداً.

~ هذه مشكلة يواجهها الفكر الإسلامي ولابد وأن يجد لها حل لماذا ؟ لأنه في الأصل هناك آية قرآنية تقول: لو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيراً، وها نحن نرى الآن أنه يوجد اختلافات كثيرة! 71 سورة يوجد بها آيات منسوخة ومنها بها منسوخ وليس ناسخ والعكس، وهذا عدد كبير. أليس اختلافاً ؟!
~ في الحقيقة هذه مشكلة لابد وأن يواجهها الفكر الإسلامي وليس من الممكن أبداً أن علماء المسلمين يتجاهلوا موضوعات حيوية بهذا الشكل ويعتموا عليها ولا يجيبون الناس!

كم عدد الآيات التي جاء فيها منسوخات في القرآن؟

كثيرة بالطبع، فإذاً كان هناك 71 سورة فدعنا نستعرض الآيات وأنا أنقل لك كلام الشيخ إبراهيم الإبياري في كتابه تاريخ القرآن في ص 168 عن الآيات التي شملها الناسخ والمنسوخ يقول: قد عد الناظرون عن الآيات التي بها ناسخ ومنسوخ نحو 144 موقعاً.
وقد ذكر فقط 60 موقعاً وعلى سبيل المثال:

ـ 20 سورة غيّر فيها آية واحدة .
ـ 18 سورة غير فيها كل سورة آيتين .
ـ 6 سور غير فيها كل سورة 3 آيات .
ـ 3 سور غير فيها كل سورة 4 آيات .
ـ 2 سورة غير فيها كل سورة 5 آيات
ـ 2 سورة غير فيها كل سورة 6 آيات
ـ 2 سورة غير فيها كل سورة 7 آيات
ـ 1 سورة غير فيها كل سورة 8 آيات (يونس)
ـ 1 سورة غير فيها كل سورة 9 آيات ( المائدة )
ـ 1 سورة غير فيها كل سورة 10 آيات ( آل عمران )
ـ 1 سورة غير فيها كل سورة 11 آية ( التوبة )
ـ 1 سورة غير فيها كل سورة 15 آية ( الإنعام )
ـ 1 سورة غير فيها كل سورة  24 آية ( النساء )
ـ 1 سورة غير فيها كل سورة 30 آية ( البقرة )

* إذاً مجموع الآيات 229 في 60 موقع ذكرهم إبراهيم الإبياري وهو قال أن هناك 144 موقع بهذا الشكل. تصور لو حسبنا متوسط الآيات في 144 كم يكون الناتج!

~ لا أستطيع إلا أنني أذكر الآية التي تقول" "أنا نزلنا الذكر وإنا له لحافظون" هذا جميل ولكن أين الحفظ؟ المشكلة أن عدم نقاش الناسخ والمنسوخ وعملية التعتيم على هذا الموضوع هو لأن ليس له حلول أو إجابات. لذا لا تستغرب إن سمعت يوما شيخا ينكر قائلا: لا يوجد ناسخ ومنسوخ في القرآن!!

~هذه ثغرة من الثغرات التي لابد وأن نفكر فيها. وأعتقد أن دور علماء الشيوخ أن يشرحوا ويفسروا للناس لمن يريد أن يعرف ويفهم والذي يريد أن يستخدم عقله، وإلا سيجدوا أنه ظهر جيل في الإسلام من الشباب الذي فجأة ترك الإسلام وما أكثرهم الآن وأنا واحد منهم!

هناك تعليقان (2):

  1. شكرا على مجهودك، أريد فقط أن أسأل عن أسماء بعض الكتب التي تستخدمها لأتحقق من صحتها. أحمد من المغرب

    ردحذف
    الردود
    1. شكرا على السؤال أخ أحمد. المصادر التي أعتمدها هي القرآن، صحيح البخاري، صحيح مسلم، دائرة المعارف الإسلامية وآخرون.. ستجد كا المصادر وصفحاتها عند قراءتك للمواضيع..

      حذف