الأربعاء، 4 يناير 2012

تناقض بين الآيات القرآنية بخصوص صلب المسيح

1) التناقض بين سورة النساء وغيرها من آيات القرآن

ورد في "سورة النساء آية157 "وقولهم (يقصد اليهود) إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله. وما صلبوه ولكن شبه لهم [إلى قوله] وما قتلوه يقينا بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزا حكيما"

الواقع أن هذه الآية تتعارض مع بقية الآيات الأخرى التي تكلمت عن موت المسيح منها:

سورة آل عمران (55): "مكروا (أي اليهود) ومكر الله والله خير الماكرين. إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلى ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة".

ـ فمن هذه الآية يتضح أن المسيح قد توفي قبل أن يرفع للسماء.

سورة مريم (33): "والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا"

ـ ومن هذه الآية يتضح أن المسيح مات قبل أن يبعث حيا.

سورة المائدة (117): "فلما توفيتني كنت أنت الرقيبَ عليهم وأنت على كل شيء شهيد"

ـ من هذا أيضا يتضح أن المسيح توفي على أيدي اليهود وكان الله رقيبا عليهم.

~  ماذا يقول المفسرون بخصوص هذا التعارض؟
   الواقع أن المفسرين لهم عدة آراء مختلفة نورد بعضا منها فيما يلي:


الرأي الأول: أن هذه الآية تنفي قتل المسيح وصلبه

وللرد على هذا الرأي نقول:

* أولاً:  رغم أن هذه الآية في ظاهرها تنفي قتل المسيح وصلبه ولكنها لم تنف موته، فلم تقل الآية عن المسيح "ما أماتوه" بل "ما صلبوه" ولم تقل "وما أماتوه يقينا" بل "وما قتلوه يقينا" أما سورة آل عمران فتقول "إني متوفيك" وسورة مريم تقول "يوم أموت" وسورة المائدة تقول "ولما توفيتني" فهذه الآيات مجتمعة تؤكد وفاته أو موته. كما ثبت ذلك من تفسير الرازي والسيوطي وغيرهما الذين فسروا الوفاة أنها الموت (انظر تفسير الرازي جزء2 ص457 / وكتاب الإتقان جزء1 ص116)

* ثانيا:  والواقع أنه سواء صلب المسيح وقتل أو مجرد مات، فالحقيقة واحدة في جوهرها أن المسيح مات عن خطايانا كما يقول الكتاب المقدس (1كو15: 3)، فليست القضية في التعبير بل في جوهر الموضوع ذاته.

* ثالثا: علما بأن قتل النبيين بغير حق هو خطية اليهود الشنعاء بحسب شهادة القرآن نفسه في سورة البقرة (61) " كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير الحق"
  إذن فآية (157) من سورة النساء وإن كانت في ظاهرها تنفي القتل والصلب ولكنه لم تنف موت المسيح الذي شهدت به آيات: سورة آل عمران وسورة مريم وسورة المائدة.

   كما أن هناك فريق آخر من المفسرين لهم رأي آخر هو:

الرأي الثاني: أن آية سورة النساء (157) تكذب ما أشاعه اليهود بأنهم قتلوا المسيح

نقول لهؤلاء العلماء الأفاضل أن موت المسيح ليس كذبةً أشاعها اليهود حتى يكذبها القرآن، بل على العكس فإنه يشهد أن اليهود هم قتلة الأنبياء كما في:

أولا: سورة آل عمران (112) " ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون الأنبياء بغير حق "

ـ وربما كان قصد القرآن أن ينفي القضاء على المسيح بقتلهم إياه إذ يقول في:

ثانيا: سورة آل عمران(169) "ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا، بل هم أحياء عند ربهم يرزقون"

ـ إذن فالآية لا تكذب ما أشاعه اليهود بأنهم قتلوا المسيح، بل تنفي فكرة أنهم قضوا عليه "وما قتلوه يقينا". والدليل على ذلك أن الآية الكريمة لم تتضمن النصارى مع اليهود في نصها، وكذلك لم ترد بالقرآن الكريم أية آيــة تنفي ما يقوله المسيحيين عن أن المسيح قد صلب فعلا.

الرأي الثالث: أن آية النساء هذه تنسخ بقية آيات وفاة المسيح

ومعنى كلمة تنسخ أي تلغي. فكأن آية سورة النساء بحسب رأيهم قد ألغت الآيات الأخرى الخاصة بوفاة المسيح أو موته.

وللرد على هذا الرأي نقول:

أولا: بصرف النظر عن أن مبدأ الناسخ والمنسوخ غير موجود في المسيحية ولكنه مبدأ مقبول في القرآن بحسب ما جاء في: سورة البقرة (106): "وما ننسخ من آية أو ننسها، نأتي بأحسن منها أو مثلها" (راجع موضوع الناسخ والمنسوخ)

ولكن دعنا نعلق على كلام هذه الآية:

1ـ يندهش البعض كيف أن الله يغير كلامه؟ علما بأن هناك آيات قرآنية أخرى تقول "لا تبديل لكلمات الله" (سورة يونس 64)، وأيضا "لا مبدل لكلمات الله" (سورة الأنعام 34).

2ـ وآخرون قالوا كيف أن الله يجعل الرسول ينسى كلامه؟ وهو الأولى بأن يحفظه في صدره، فقد جاء في سورة العنكبوت (49) "بل هو آياتٌ بيناتٌ في صدور الذين أوتوا العلم" فكم يكون في صدر الرسول!!!

3ـ وقال آخرون كيف يمكن لكلام الله أن ينسخ أو يتغير وهو مكتوب في لوح محفوظ؟ كما جاء في سورة البروج (22) "بل هو قرآن مجيد. في لوح محفوظ"

4ـ ثم كيف يأتي الله بأحسن منها؟ هل عند الله كلام حسن وكلام غير حسن، حتى تكون هناك مفاضلة بين حسن وأحسن؟

~ ما علينا من كل هذا الكلام فليس هذا موضوع بحثنا، ولكن ما أريد أن أوضحه هو:

ثانيا: أن مبدأ الناسخ والمنسوخ في القرآن لا يقع إلا في الأحكام التشريعية فقط، وليس على الأخبار التاريخية، فلا يستطيع أحد أن يلغي أحداث التاريخ الثابتة. فبحسب الآيات القرآنية الأخرى يتضح أن المسيح قد مات فعلا قبل أن يرتفع إلى السماء، كما هو واضح من:

1ـ سورة آل عمران (55): "مكروا (أي اليهود) ومكر الله والله خير الماكرين. إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إليَّ ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة"

ـ فمن هذه الآية يتضح أن المسيح قد توفي قبل أن يرفع للسماء.

2ـ سورة مريم (33): "والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا"

ـ ومن هذه الآية يتضح أن المسيح مات قبل أن يبعث حيا.

3ـ سورة المائدة (117): "فلما توفيتني كنت أنت الرقيبَ عليهم وأنت على كل شيء شهيد"

ـ من هذا أيضا يتضح أن المسيح توفي على أيدي اليهود وكان الله رقيبا عليهم.

ثالثا: ثم إن مبدأ الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم يفيد أن الآيات التي تأتي في الآخر تلغي الآيات السابقة لها، وليس العكس أي لا يصح أن الآيات القديمة تلغي الآيات التي أتت بعدها.

ـ ولو نظرنا إلى سورة النساء التي تقول (وما صلبوه وما قتلوه) نجد أنها قد أتت [سنة3 هجرية] أي قبل سورة المائدة [التي أتت سنة 10هجرية] (انظر تفسير القرآن للشيخ عبد الله يوسف علي بالإنجليزية ص125 و242) التي تقول "فلما توفيتني كنت أنت الرقيبَ عليهم وأنت على كل شيء شهيد"
ـ فبحسب مبدأ الناسخ والمنسوخ فإن الآية الواردة في سورة المائدة بخصوص موت المسيح تلغي الآية الواردة في سورة النساء، وبهذا يتأكد موت المسيح ويلغى أيُّ لبس بخصوص هذا الأمر.

كان هذا بخصوص الرد على الرأي القائل بأن آية سورة النساء وما صلبوه، وما قتلوه قد نسخت آيات الوفاة آل عمران ومريم، والمائدة.

ونأت الآن إلى بيت القصيد وهو:

2) التفسير الصحيح لآية سورة النساء (157)

ما هو التفسير السليم لهذه الآية القرآنية من سورة النساء (آية157) بخصوص قتل المسيح من عدمه؟:

"سورة النساء آية157 "وقولهم (يقصد اليهود) إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله. وما صلبوه ولكن شبه لهم [إلى قوله] وما قتلوه يقينا بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزا حكيما"

~ هل هناك فعلا تعارض بينها وبين بقية الآيات الدالة على موت المسيح؟

وللـرد على ذلك نقول:

أولا: لا يُقْبَل أن يكون في القرآن تعارض، ولهذا جاء في سورة النساء (81) " ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا". ولكن التعارض هو في تفسير المفسرين الذين يفسرون الآيات بحسب وجهات نظرهم التي كثيرا ما تتباين وتختلف بعضها عن بعض.

ثانيا: إذن ينبغي أن نتفهم القرآن جيدا، كما يأمر القرآن نفسه بذلك إذ يقول في سورة النساء (81) "أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا"، ونفس هذا الكلام جاء أيضا في مواضع أخرى فارجع إلى سورة محمد (24)، وسورة المؤمنون (68)، وسورة ص (29).

ثالثا: لكي نتفهم هذه الآية ونتدبرها جيدا علينا أن نناقشها من عدة جوانب لندرك معناها ومقاصدها جيدا. والواقع أن هناك أربعة جوانب نستطيع من خلالها أن نبلغ مقصدنا:

* الجانب الأول: هو الجانب اللغوي

من الناحية اللغوية يفهم معنى شبه لهم الواردة بآية النساء (157) بمفهوم أنه قد ظنوا أنهم قتلوه وصلبوه وتخلصوا منه ومن رسالته إلى الأبد. وليس بمعنى أن الله قد ألقى شبهه على إنسان آخر كما سبق أن أوضحنا في لقاءاتنا السابقة. هذا ما أكده كل من:

(1) الإمام الزمخشري: الذي قال في تفسيره الشهير: (ما معنى قول القرآن "شبِّه لهم"؟ [شبه] مسند إلى ماذا؟ [أي يرجع إلى ماذا؟]

ـ إن جعلته مسند إلى المسيح؟ [أي إن رجعت الكلمة على المسيح؟] فالمسيح مشبه به وليس مشبه، (بمعنى آخر إن كانت الكلمة "شبِّه" تعود على المسيح فيكون السؤال هنا: بمن شبه المسيح؟؟ أي شبَهُ من وقع على المسيح؟؟ وبالتأكيد القرآن لا يريد أن يقول ذلك، بل يريد المفسرون الآخرين أن يقولوا عكس هذا المعنى وهو أن شبه المسيح هو الذي وقع على شخص آخر. فهل هذا صحيح في التركيب اللغوي لعبارة "شبه لهم" دعنا نصغي إلى ما قاله الزمخشري بخصوص ذلك) قال:

ـ وإن أسندته إلى المقتول. [أي إن جعلت عبارة "شُبِّه لهم" تعود على الشخص الذي قُتل بدل المسيح وهو ما ذهب إليه بعض المفسرين وهذا ما أكده الزمخشري بقوله] : لقد زعموا [أي زعم بعضُ المفسرين] أن اليهود قتلوا رجلا آخر شبيها بعيسى. [ويكمل الزمخشري قائلا:] فالمقتول لم يجر له ذكر [أي لم يسبق ذكره في الآية الكريمة].

ـ وخلص الإمام الزمخشري من ذلك إلى حقيقة هامة جدا أوضحت المعنى الحقيقي من الآية ، ونفت أن يكون في القرآن اختلاف أو تناقض إذ قال: عبارة "شبه" مسند إلى الجار والمجرور أي مسند إلى "لهم" كقولك "خيل لهم" )

(2) الإمام الرازي: الذي علق على رأي المفسرين أصحاب فكرة أ، شبه المسيح ألقي على شخص آخر فقال:
في إلقاء شبه على الغير إشكالات:

الإشكال الأول: أنه إن جاز أن يقال أن الله تعالى يلقي شبه إنسان على إنسان آخر، فهذا يفتح باب السفسطة، وأيضا يفضي إلى القدح في التواتر (أي في المسلمات) ففتح هذا الباب أوله سفسطة وآخره إبطال النبوات بالكلية.

الإشكال الثاني: أن الله أيده بروح القدس، جبريل، فهل عجز هنا عن تأييده؟ وهو الذي كان قادرا على إحياء الموتى، فهل عجز عن حماية نفسه؟

الإشكال الثالث: أنه تعالى كان قادرا على تخليصه برفعه إلى السماء، فما الفائدة بإلقاء شبهه على غيره؟ وهل فيه إلا إلقاء مسكين في القتل من غير فائدة إليه؟

الإشكال الرابع: بإلقاء الشبه على غيره اعتقدوا (أي اليهود) أن هذا الغير هو عيسى، مع أنه ما كان عيسى، فهذا كان إلقاء لهم في الجهل والتلبيس (التمويه) وهذا لا يليق بحكمة الله.

الإشكال الخامس: أن النصارى واليهود على كثرتهم في مشارق الأرض ومغاربها وشدة محبتهم للمسيح (وبغضة اليهود له) وغلوهم في أمره شاهدوه مقتولا ومصلوبا، فلو أنكرنا ذلك، كان طعنا فيما ثبت بالتواتر، والطعن في التواتر يوجب الطعن في نبوة محمد وعيسى وسائر الأنبياء.

والإشكال السادس: ألا يقدر المشبوه به أن يدافع عن نفسه أنه ليس بعيسى؟ ولو ذكر ذلك لاشتهر عند الخلف هذا المعنى. فلما لم يوجد شيء من ذلك علمنا أن الأمر ليس على ما ذكر أولئك المفسرون.

ـ هذا تحليل لنص الآية القرآنية بقلم إمامين عظيمين من أئمة تفسير القرآن. والنتيجة التي خلصوا إليها هي أن عبارة شبه لهم لا تعني أن شبه المسيح وقع على شخص آخر صلب بدل المسيح، بل أنه شبه لليهود أو خيل إليهم أنهم قضوا على المسيح نهائيا والواقع أنه بعدما مات على الصليب رفع إلى السماء وهو حي باق إلى الأبد.

~ كان هذا عن الجانب الأول لفهم الآية وهو الجانب اللغوي. ونأتي إلى الجانب الثاني وهو:

* الجانب الثاني: هو الجانب الموضوعي

ونقصد بالجانب الموضوعي هو: ما هو الموضوع الذي تريد هذه الآية أن تبرزه وتؤكده؟ هل أرادت هذه الآية إنكار الموت والصلب؟ أم أنها أرادت أن تنفي تبجح اليهود وتباهيهم بأنهم قضوا على المسيح وجعلوه معدوما تماما؟

بمقابلة آية سورة النساء التي تقول "وما قتلوه يقينا" مع سورة آل عمران (54و55) التي تقول "مكروا (أي اليهود)" ومكر الله والله خير الماكرين، يا عيسى ابن مريم إني متوفيك ورافعك إلي وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة" نرى ما يلي:

أولا: أن اليهود قد مكروا لقتل المسيح والقضاء عليه تماما.

ثانيا: أن الله أعظم منهم مكرا، فبعد أن قتلوه رفعه إليه.

ثالثا: إذن لا تعارض بين الآيتين، فسورة النساء لا تنفي القتل بل تنفي القضاء على المسيح نهائيا الأمر الذي تؤكده سورة آل عمران بأن الله رفعه إليه ليكون حيا خالدا في الآخرة. وبرفع المسيح إلى الله يتحقق قول سورة النساء أنهم لم يقتلوه يقينا، ولكنه خيل لهم ذلك، وهو ضرب من الظنون، وليس اليقين.

~ كان هذا عن الجانب الموضوعي، ونأتي إلى جانب آخر وهو:

* الجانب الثالث: هو جانب علم البلاغة والبيان

وعلم البلاغة في اللغة هو ببساطة: حسن البيان وقوة التأثير ومطابقة الكلام لمقتضى الحال مع فصاحته.
وعلم البيان في اللغة هو أيضا ببساطة: المنطق الفصيح وإيراد المعنى الواحد بطرق مختلفة من تشبيه ومجاز وكناية. (المعجم الوسيط لمجمع اللغة العربية الجزء الأول ص70و80)

وكلنا يعلم أن القرآن هو كتاب البلاغة والبيان والفصاحة. ولهذا جاءت تعبيراته فوق مستوى الجهلاء وأنصاف المتعلمين. ولا يمكن فهم معانيه فهما جيدا إن لم يكن الإنسان ملما بمبادئ البلاغة والبيان والفصاحة.

فدعنا إذن نفحص آية سورة النساء من هذا لجانب البياني البلاغي الفصيح.

أولا: هناك قاعدة بلاغية تقول: أن في أسلوب المقابلة بين أمرين، يأتي أحدهما مسبوقا بأداة النفي (لا النافية) ليس لتنفي حدوث هذا الأمر، بل لتظهر عظمة الأمر الآخر. ولنعط لذلك بعض الأمثلة ثم نطبقها على آية النساء الكريمة.
ثانيا: (سفر التكوين 45: 8) يقول يوسف الصديق لأخوته "ليس أنتم أرسلتموني إلى هنا، بل الله" فهذا التعبير البلاغي لا يقصد أن ينكر أن إخوته باعوه إلى التجار الذين أتوا به إلى مصر، بل أراد أن يعظم عمل الله وخطته الحكيمة.

ثالثا: (هوشع9: 13) "إني أريد رحمة لا ذبيحة". فهل معنى هذا أن الله يلغي الذبيحة وهي قوام العبادة؟ كلا وإنما هو يعظم الرحمة مع إثبات الذبيحة.

~ تطبيقا على ذلك نقول أن آية النساء في مقارنتها بين القتل وبين رفع المسيح حيا في قولها "وما قتلوه يقينا بل رفعه الله إليه"، فيعظم رفع المسيح حيا ولا ينفي فعل القتل. هذا هو الأسلوب البلاغي الفصيح.

رابعا:  كما أن هناك قاعدة بلاغية أخرى توضح الإثبات في صيغة النفي، تماما مثل أسلوب المدح في قالب ذم أو الذم في قالب مدح الذي نعرفه جيد. فالآية تقول "وما قتلوه يقينا بل رفعه الله إليه" فالقرآن بهذا الأسلوب البلاغي يرد على تبجح اليهود بأنهم قضوا على المسيح تماما بأنه يؤكد لهم أنه بعدما مكروا هم بقتله مكر الله برفعه إليه فهو تأكيد لرفعه بعد أن قتلوه.

أخيرا نأتي إلى

* الجانب الرابع: هو الجانب المنطقي في التفسير

وفي تناولنا لهذا الجانب نوضح ما يلي:

أولا: وردت بالقرآن أربع آيات عن موت المسيح منها آية واحدة يقول البعض أنها تنفي موت المسيح، ويقومون يتفسير الآيات الأخرى على تفسيرهم لهذه الآية الواحدة

ثانيا: الواقع أن هناك قاعدة منطقية تقول لا يمكن تفسير الكل على أساس الجزء، بل على العكس يلزم تفسير الجزء على أساس الكل.

ثالثا: لهذا وجب أن تفسر آية النساء على أساس إجماع الآيات الأخرى في سورة مريم وآل عمران والمائدة التي توضح موت المسيح ورفعه إلى الله بعدها.

ختاماً

دعنا نلخص ما قلناه بخصوص ما يدعيه البعض من وجود تناقض بين سورة النساء وبقية السور القرآنية التي تحدثت عن موت المسيح في نقاط مختصرة فقد رأينا:

(1) أن سورة النساء لم تنف موت المسيح.

(2) أن هذه الآية نفت إشاعة اليهود بأنهم قضوا على المسيح تماما ولكنهم واهمون فقد رفعه الله إليه وهو حي خالد

(3) هذه الآية لم تنسخ الآيات التي تحدثت عن موته، وإنما إن أخذنا بمبدأ النسخ فتكون آية المائدة التي تتحدث عن موت المسيح هي التي نسخت الآية في سورة النساء لأنها أتت بعدها بسبع سنوات
  
(4) أن التفسير الصحيح لهذه الآية لغويا، وموضوعيا، وبلاغيا، ومنطقيا ثبت حقيقة صلب المسيح وموته ورفعه إلى الله.

هناك 3 تعليقات:

  1. بالنسبة للنقطة الاولى في سورة ال عمران{إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ }آل عمران55 والتفسير هو[[[ومكر الله بهم حين قال الله لعيسى: إني قابضك من الأرض من غير أن ينالك سوء, ورافعك إليَّ ببدنك وروحك, ومخلصك من الذين كفروا بك, وجاعل الذين اتبعوك أي على دينك وما جئت به عن الله من الدين والبشارة بمحمد صلى الله عليه وسلم وآمَنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم, بعد بعثنه, والتزموا شريعته ظاهرين على الذين جحدوا نبوتك إلى يوم القيامة, ثم إليّ مصيركم جميعًا يوم الحساب, فأفصِل بينكم فيما كنتم فيه تختلفون من أمر عيسى عليه السلام.]]]

    ردحذف
  2. اني اريد كل من يزور هذا الموقع يرد باجابات منطقية ولا تشتموا صاحب الموقع لاننا المسلمون نجادل بالاتي هي احسن فسروا القرءان ولا تتسرعوا في تفسيره ارجع الى كتب التفسير لانك قد لا تفهم الاية جيدا وتتسرع في الحكم على القرءان.

    ردحذف
  3. السؤال الذي يدور حول الآية ليس موت السيد المسيح عيسى بن مريم من عدمه لكن في آخر الآية يقول الله عز وجل "وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة" أي أن من اتبع عيسى عليه السلام إلى أن تقوم الساعة يبز على الذين كفروا لكن في نفس الوقت يكفر الله المسيحيين الذين لم يدخلوا الإسلام مع أنه يعلم منهم من سيكون موجوداً حتى تقوم الساعة فلما لم يقل وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا حتى يؤمنوا بدين الإسلام من بعدك؟؟؟؟

    ردحذف